22

-

الشكلية في عقد بيع الأصل التجاري وآثارها *


مقدمة :
           يعتبر الأصل التجاري من أهم الحقوق التي يكتسبها التاجر، هذا الحق يتميز بكونه منقولا وبذلك يختلف عن العقار من حيث طبيعته القانونية وخصائصه، والأصل التجاري كما عرفه المشرع المغربي في المادة 79 من مدونة التجارة : " ...مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية".
         يعود الأصل التجاري كفكرة إلى القرن التاسع عشر بفرنسا حيث طالب التجار بحماية حقهم على زبنائهم من المنافسة وكذلك من مطالبة الدائنية باعتراف القانون بالأصل التجاري كوحدة قانونية مستقلة عن العناصر المادية والمعنوية التي يتشكل منها[1]. أما في المغرب فقد ظهر الأصل التجاري بمفهومه الحديث بمقتضى ظهير 31 دجنبر 1914 [2] هذا الظهير تم نسخه بمقتضى مدونة التجارة الصادرة بمقتضى القانون رقم 15.95.
         إن نشوء الأصل التجاري يقتضي توفر مجموعة من العناصر.فقد نصت المادة 80 من مدونة التجارة على أنه  " يشتمل الأصل التجاري وجوبا على زبناء وسمعة تجارية " وهذا ما يفيد كون الأصل التجاري قد يتكون حتى دون وجود باقي العناصر المادية ( البضائع والمعدات ...). هذا ويخضع الأصل التجاري لجميع أنواع التصرفات من بيع و رهن وتسيير حر، بل إنه يمكن تقديمه حصة في شركة، ومن خلال هذا البحث سوف نتناول بالدراسة عنصر الشكلية في عقد بيع الأصل التجاري، وما قد يترتب عن هذا العنصر من أثار قانونية.
أولا : الشروط الشكلية لعقد بيع الأصل التجاري
 إن ابرام عقد بيع الأصل التجاري يقتضي إتباع مجموعة من الإجراءات وتوفر شروط حددها المشرع.انطلاقا من الكتابة وصولا إلى الإيداع والتقييد مرورا بالتسجيل.
1) الكتابة :
تعتبر الكتابة شرطا شكليا نص عليه المشرع من خلال المادة 81 من مدونة التجارة حيث جاء فيها: " يتم بيع الأصل التجاري أو تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد بعقد رسمي أو عرفي."
هذا وقد حصل اختلاف  حول طبيعة الكتابة هل هي شكلية انعقاد أم نفاد أم هي شكلية للإثبات، فإذا كانت الكتابة شكلية انعقاد فإن تخلفها يترتب عنه بطلان العقد لأنها ركن من أركان انعقاده . أما إذا كانت الكتابة شكلية نفاد فالعقد لا ينتج أثاره في مواجهة الغير إلا من تاريخ الكتابة وإن كان ينتج أثاره بين أطرافه.
أما الكتابة كشكلية إثبات فإنها وسيلة لإثبات العقد بين المتعاقدين، دون الغير الذي له أن يثبت بجميع وسائل الإثبات.
2) التسجيل والشهر:
بمجرد إبرام عقد البيع يتعين على الموثق إذا تعلق الأمر بمحرر رسمي، أو الاطراف إذا تعلق الأمر بمحرر عرفي، أن يقدموا العقد إلى إدارة الضرائب قصد تسجيله واستخلاص رسوم التسجيل والتنبر.
بعد تسجيل العقد يجب شهره عن طريق إيداع نسخة أو نظير من العقد الرسمي أو العرفي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بنسق السجل التجاري الذي يوجد في دائرتها المركز الرئيسي للأصل التجاري، عملية الشهر يجب أن تتم خلال خمسة عشر يوما من تاريخ البيع، تتولى كتابة الضبط نشر المستخرج المقيد بالسجل التجاري بكامله وبدون أجل في الجريدة الرسمية وفي إحدى الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية على نفقة الأطراف، هذا النشر يجب على المشتري تجديده بين اليوم الثامن والخامس عشر بعد النشر الأول.
ثانيا :الآثار القانونية لعقد بيع الأصل التجاري.
تنتج عن عقد البيع عدة آثار سواء بالنسبة للبائع ودائنيه أو المشتري.
1) بالنسبة للبائع :
إذا كان أخد البائع للثمن المتفق عليه يشكل الأصل فإنه يمكن أن يترتب عن عقد بيع الأصل التجاري تعرض دائني البائع وبالتالي متعة من قبض الثمن للمودع والذي يخصص للدائنين لاستيفاء ديونهم، كما يمكن لدائني البائع كسر ثمن البيع والمطالبة بإجراء البيع عن طريق المزايدة العلنية.
يترتب عن عقد البيع بالنسبة للبائع اكتسابه حق الامتياز على ثمن البيع وذلك عندما يتم البيع بالسلف إذ عليه أن يقيد حقه داخل الأجل حتى يستفيد من حق الأولوية والتتبع.
كما أن البائع ملزم بعدم منافسة مشتري الأصل التجاري وضمان العيوب الخفية،وضمان استحقاق الأصل التجاري.


2) بالنسبة للمشتري:
يترتب عن عقد البيع التزام أساسي على عاتق المشتري ألا وهو أداء الثمن، سواء كاملا أو بالأقساط حسب ما تم الاتفاق عليه، ولكي يتحلل المشتري اتجاه دائني البائع عليه أن ينتظر مرور مهلة التعرض وكل أداء أثناء مهلة التعرض يجعل المشتري مسؤولا في مواجهة الدائنين ومدينا لهم بمبلغ الدين.
استنتاجات :
             إذا كانت الشكلية في القوانين القديمة وخاصة القانون الروماني غاية وهدفا فإنها في القوانين الحديثة ليست غاية في ذاتها وإنما وسيلة لتحقيق غاية معينة، فالشكلية في عقد بيع الأصل التجاري غايتها حماية الدائنين الذين جعلوا من الأصل ضمانة لديونهم في إطار عمليات الائتمان التي يمارسها التجار فيما بينهم. 



[1] - فؤاد معلال : شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الأول، مطبعة الأمنية . ص 195.
[2] - وإن كان البغض يذهب إلى أن حق الجلسة هو تطبيق لفكرة الأصل التجاري :
الصوفي محمد بنصالح : الحقوق العرفية الصينية الإسلامية في القانون المغربي، دار القلم، الطبعة الثانية الرباط.

من إنجاز الطالب : إلياس التلفاني



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق